
الإنسان العُماني يحتل الأولوية في فكر السلطان قابوس بن سعيد، ومنذ العام الأول لانطلاق النهضة المباركة وحتى الاحتفال بعيدها الأربعين ظلت تنمية الموارد البشرية الشغل الشاغل للعاهل العُماني।
إنَّ قرار تخصيص مئة مليون ريال عُماني للمنح الخارجية التي سيستفيد منها ألف طالب في مجالات تخصصية عليا كان قرارا حكيما يرتبط بنهج قائد النهضة الذي لم تغيره طوال أربعة عقود إلا الامكانات المالية المتاحة।
وعبقرية القرار ليست فقط في ارسال طلاب البعثات العليا ليكتمل العدد، ولكن في اختيار التخصصات التي ستثري سلطنة عمان بعد عودة المتخصصين وهم يعلمون أن ذراعي الوطن مفتوحة لاحتضانهم، وأن النهضة التي أكملت عامها الأربعين لو حاول أحد قراءتها في فكر السلطان قابوس لانتابته الدهشة، فأغلب الظن أن قائدها يؤمن بأنه في أول الطريق رغم معجزة الانجازات لدولة تمد مساحتها لما يستوعب أضعاف عدد سكانها।
فرحة العمانيين لم تجعلهم يعتقدون أنهم حققوا ما يستوجب الراحة، فالطريق أطول مما يظن السعيد به، وأقصر مما يعتقد المتلهفون لحصاد النتائج।
السلطان يعلم أن المنح والبعثات لا تحقق غرضها والهدف منها إلا قبل التأكد من أن الدولة ستكون فور تخرج المبعوثين في حاجة ملحة لكل تخصصاتهم، لهذا فعبقرية القرار ليست في المنحة، إنما في رؤية المشهد المستقبلي لألف تخصص سيضيف أصحابه إلى النهضة ما تحتاج إليه।
سلطنة عمان واحدة من ثلاث أو أربع دول عربية لا يفكر طلابها في الخارج في الاستقرار مهما كانت اغراءات البلد المضيف، فسلطنة عمان ليسن وطنا طاردا لأبنائه، إنما هو وطن يحتضنهم في أي وقت।
احتفالات العيد الوطني الأربعين للنهضة المباركة لم يعد يوما أو بعض يوم، لكنه مستقبل طويل ينبغي أن يحتفل خلاله كل عماني بعودة بلده إلى الساحة الدولية والعربية والإسلامية।
إنه رفع جديد للعلـَم العُماني تماما كما كان أجداد العمانين يمخرون عباب البحر فيعرف موجـُهُ وأشرعة أباطرة المحيطات من البرتغال والهند وإيران وبريطانيا أن الأسطول العماني تعرفه كل موجة بحر أو محيط تدفعها رياح فتتعامل مع الأشرعة كأنها تعرف هذا الخليط العجيب من لغتي البحر و ... الرياح।
مبروك للعمانيين نهضتهم و قابوسهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق