التحضر يبدأ من علاقة المواطن بالصحة، والصحة تفقد قيمتها إذا أهملتها الدولة، والقيمة تنطلق من التعامل مع الدواء أو العلاج بوجه عام.
منذ العام الأول لبدء النهضة العُمانية وضع السلطان قابوس الصحة في أولوياته وذلك بعد التعليم مباشرة، ولعلهما أيضا متلازمان. رائع جداً أن تكون هناك حملات تحمل على عاتقها التوعية وتسبقها المسمى الأمثل، أي حملات وطنية، لذا فعندما بدأت سلطنة عمان حملة توعية وطنية لتعليم الناس الطرق المثلى لاستخدام الدواء، كان المسؤولون العُمانيون يعلمون جيدا أن أخطاء العلاج لا تقل بشاعة عن المرض نفسه، فسبعة من كل عشرة يتوقفون عن تناول الدواء فور احساسهم بالشفاء، رغم أن أولى قواعد العلاج تبدأ من معرفة ما يطلق عليه ( الكور الكامل ) أي عدم الاكتفاء بالشفاء، لكن تكملة تناول الدواء، فالمرض يمكن أن يختفي لبعض الوقت في محاولة لخداع المريض.
الشيخ سيف بن حمير الشحي والي نزوى هو الذي كان قد دشن في أوائل العام الماضي حملة الاستخدام الأمثل للدواء، وفي بداية الحملة ألقى الدكتور صالح بن سيف الهنائي مدير عام المديرية العامة للخدمات الصحية بالمنطقة الداخلية كلمة أوضح فيها أهمية الحملة وأبعادها التوعوية قائلا: لقد حرصت وزارة الصحة على تعزيز صحة الفرد والمجتمع وتمكينهما من الحفاظ على حالة مثالية من المعافاة الجسمية والعقلية والاجتماعية وذلك من خلال تقديم حزمة من الخدمات الصحية العلاجية والوقائية والتعزيزية التأهيلية تتسم بالشمولية لجميع أفراد وشرائح المجتمع،وتشكل الخدمات العلاجية كالتدخلات السريرية والجراحية ووصف الأدوية محورًا رئيسيًا وهامًا في العناية بالمريض.
عشرون عاماً مضت منذ إنشاء المركز الوطني لرصد الآثار المترتبة على استخدام الدواء، ثم قامت وازرة الصحة بعدها بثمانية أعوام بانشاء دائرة الاستخدام الرشيد للدواء.
قل لي عن مدى اهتمام الزعيم بمشروعات الصحة، أذكر لكَ الخط البياني للنهضة في هذا البلد!
السلطان قابوس بن سعيد اكتشف عبقرية النهضة في الإيمان بــ ( في البدء كانت الصحة )، وظل لأكثر من أربعين عاماً يولي صحة الفرد أهمية قصوى، حتى ظننت أن لو كانت سلطنة عُمان بنفس ثراء دول غنية أخرى لكان الأمر السامي الأول هو طبيب وفراش وصيدلية لكل مواطن! المبالغة هنا لتقريب الصورة إلى ذهن القاريء الذي لم يتعرف بعد على مسيرة تلك النهضة المباركة التي لا تزال تعطي العرب دروساً في العلاقة الصحية بين الحاكم والرعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق