
أوسلو في مايو 2000
عقدت الدهشة لساني عندما كنت جالسا مع مجموعة من المثقفين والمستشارين والقضاة في بلد عربي وسمعت أحدهم يتحدث بلهجة استعلائية عن نظام الحكم في سلطنة عمان مستشهدا بسيف يغمده العماني في جرابه، ومدللا علي التخلف، ومؤكدا للحاضرين أن عمان لن تتقدم أو تنهض أو تلحق بالأمم الأخرى.
هذا المستشار الذى يعمل في سلك القضاء ويحكم بين الناس فقد في لحظات قليلة كل أسباب الاحترام التي كنت أكنها له كأحد رجال القانون الذين يفترض أن يكون العدل أساس كل أحكامهم.
عقدت الدهشة لساني عندما كنت جالسا مع مجموعة من المثقفين والمستشارين والقضاة في بلد عربي وسمعت أحدهم يتحدث بلهجة استعلائية عن نظام الحكم في سلطنة عمان مستشهدا بسيف يغمده العماني في جرابه، ومدللا علي التخلف، ومؤكدا للحاضرين أن عمان لن تتقدم أو تنهض أو تلحق بالأمم الأخرى. هذا المستشار الذى يعمل في سلك القضاء ويحكم بين الناس فقد في لحظات قليلة كل أسباب الاحترام التي كنت أكنها له كأحد رجال القانون الذين يفترض أن يكون العدل أساس كل أحكامهم.
ثلاثون عاما قضتها سلطنة عمان بقيادة السلطان قابوس بن سعيد تسابق الزمن، وتضاعف الجهد أضعافا كثيرة حتي أصبحت واحدة من أهم دول المنطقة في ركب التقدم والنهضة والحكم العادل وحقوق الإنسان، ومع ذلك فلا تزال طائفة كبرى من النخبة المثقفة وصفوة المجتمعات العربية تجهل الصورة المشرقة لهذا البلد العربي الذى لم يتكدر طوال ثلاثة عقود القرن العشرين بأي مشاكل أو أزمات أو اعتداء علي البيئة أو امتهان لحقوق الإنسان.
إن مقارنة سريعة بين عمان التي خرجت من ظلمات التخلف والجهل والنسيان في منتصف عام 70 وبين مثيلاتها من بلاد كثيرة في العالم الثالث والنامي تجعلنا نكتشف عمق التجربة العمانية في النهضة، وسلامة كل الخطوات التقدمية التي قام بها السلطان قابوس بن سعيد منذ قيامه بأهم ثورات المنطقة في العقود القليلة الماضية.
وجهل المثقف العربي بالنهضة العمانية ليس تقصيرا بأي حال من الأحوال في التعريف بها من وزارة الإعلام في مسقط التي تخاطب
الإعلاميين والمفكرين والمسؤولين ورجل الشارع والمواطن العادي من خلال كل الوسائل المتاحة سمعيا وبصريا وفي كل الأوقات.
والبيان الذى ألقاه وزير الإعلام العماني الأستاذ عبد العزيز الرواس أمام أعضاء مجلس الشورى كان شاهدا علي أن ما تبذله وزارة الإعلام يتوافق ويتلاءم مع سرعة وعمق وخصوصية التجربة العمانية، وجاءت ردود الوزير علي أسئلة الأعضاء لتضع النقاط فوق لحروف وتسد أى ثغرة يظن أى ناقد لعمل الوزارة أنه قد ينفذ من خلالها.
وبالمناسبة فإن الحساب العسير الذى قدمه أعضاء الحكومة العمانية أمام مجلس الشورى، يجعل أى وزير في بلد عربي آخر يتصبب عرقا من الخوف والفزع، والديمقراطية علي الطريقة العمانية أثبتت جدواها عندما يعرف كل مسؤول أنه لا مهرب من يوم الحساب أمام مجلس الشورى، حيث يتابع أيضا السلطان قابوس بن سعيد من مكان ما كل الجلسات، ويقارن بين ما قدمه الوزراء وبين توجيهاته الملزمة لاستمرار التقدم في نهضة سلطنة عمان.
وفي المناسبات القومية والوطنية والثقافية تقوم وزارة الإعلام بدعوة عدد من الإعلاميين لتغطية فعاليات المناسبة أو المهرجان.
أما في العيد الوطني فيلتقي في عمان عدد كبير من الإعلاميين الذين يقف كل منهم مبهورا في كل عام أمام التطور والتنمية كأنه يري عمان للمرة الأولي. والعيد الوطني التاسع والعشرون الذى اختار له السلطان قابوس مدينة عبرى التي تبعد 350 كيلومترا عن العاصمة مسقط كان مناسبة ليطلع الإعلاميون علي اللمسات الأخيرة لنهضة عمان قبل أن تدخل الألفية الثالثة وتحتفل بعيدها الوطني الثلاثين. وبعد وصول الوفود الإعلامية من مصر وسورية ولبنان وتونس والكويت والسعودية والأردن ولندن وكوبنهاجن واستكهولم وزيورخ وغيرها، يلتقي بهم وزير الإعلام في جلسة مفتوحة غير مسجلة فيتعجب المرء من الكم الهائل من الصراحة التي تفصح عن وجه مشرق للحوار البناء والمثمر بين المسؤول الإعلامي الأول في سلطنة عمان وبين ضيوفه.
وبكل الحياء يخجل وزير الإعلام إن تطرق أحد الحاضرين إلي الكرم العماني السخي والبكر الذى يغمر به العمانيون ضيوفهم ثم ينتقل إلي الحديث عن شئون الساعة وقضايا الأمة ويعرج إلي منعطفات ثقافية وفكرية تشهد بأنه قارىء نهم، ومطلع جيد علي الحركة الفكرية في الوطن العربي. ويتميز الأستاذ عبد العزيز الرواس بأنه لا يقبل الأمور علي علاتها ولا يقع في فخ مصطلحات الطبقة المثقفة أو الإعلامية الجديدة التي تحصر آذان المستمعين إليها بين قوسين من قاموس خاص ب”الصفوة” فإذا لم يكن الإعلامي أو المثقف قادرا ومتمكنا من أى طرح فكري أو ديني أو سياسي فليلتزم الصمت ويتمتع بكرم مضيفيه.
وثقة وزير الإعلام في صحة النهج الذي اختطه السلطان قابوس للنهضة العمانية جعلته يبحث في عقول ضيوفه عن تساؤلات محيرة أو أحكام مسبقة عن سلبيات لعله يصحح مفاهيم لا تحمل حقائق الوضع في عمان الجديدة.
نهضة شاملة في سلطنة عمان تزيد المتابع حيرة و...إعجابا ودهشة، حتي البيئة التي هي آخر ما يكترث له الحاكم في العالم الثالث النامي يضعها نظام الحكم في سلطنة عمان علي رأس أولويات اهتماماته، فهناك زيارات ميدانية للشواطيء للتأكد من نظافتها. وتضع الدولة شروطا بيئية صارمة للتأكد من مطابقة المشروعات للمواصفات المطلوبة بيئيا. وهناك شبكات لرصد ومراقبة تلوث الهواء في الوقت الذي تم الانتهاء من الخطة الرئيسية لحماية المياه الجوفية، وتتعاون سلطنة عمان مع “الاتحاد الدولي لصون الطبيعة والموارد الطبيعية” للحفاظ علي المحميات، وهناك قاعدة معلومات شاملة تربط كل أجهزة الدولة الإدارية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق