
أوسلو في 17 مايو 1997
ماذا لو كان في سلطنة عمان مجلس أمة أو مجلس شعب يزايد أعضاؤه على الوطن وقضاياه ومشاكله، وتتكاتف الشللية وفقا للطائفة أو الجماعة أو مصالح الحزب أو القوة المالية التي دفعتهم للعضوية؟
كان يمكن أن تصبح سلطنة عمان حالة متخلفة من دول العالم الثالث بسبب الشلل الذى تتسبب فيه معارك عنيفة تحت قبة البرلمان ! هل هي دعوة للاستبداد التي قال عنها عبد الرحمن الكواكبى: “ والمستبد يود أن تكون رعيته كالغنم درا وطاعة وعلى الرعية أن تكون كالخيل إن ’خدمت خدمت، وأن ضربت شرست وان تكون كالصقور لا تلاعب ولا يستأثر عليها بالصيد كله.؟
معاذ الله أن نكون من الظالمين، فنحن مع الديمقراطية ونطالب بالشورى، ونتلهف على حرية الرأي ونرى أن قيمة المواطن تتحدد بحسب الموقف من كرامته سواء كانت النظرة من المجتمع أو من السلطة. خصوصية التجربة العمانية تكمن في أننا أمام حالة لا تتكرر إلا نادرا،
وسلطة يملكها السلطان قابوس بن سعيد منذ ثلاثين عاما، فلا تتوقف مسيرة النهضة والتطور والتنمية وكرامة المواطن والأمن والسلام لحظة واحدة. خصوصية التجربة العمانية تجعلنا ننحني احتراما للسلطان قابوس بن سعيد الذى كان يعرف منذ البداية أن خداع النفس يبدأ بصورة كرنفالية يراها العالم وتنقلها وسائل الإعلام لكن الحقيقة تختلف تماما.وبدأ السلطان قابوس من حيث يجب أن يكون الزعيم والقائد والمخلص لوطنه،
أى من الداخل دون أن يكترث بتلوين صورة بلده من الخارج إلا بعد أن يقتطف ثمار جهده وعمله وتوجيهاته ونظام حكمه. ولم يتحدث العمانيون عن النهضة إلا بعد أن تحدثت هي نفسها.
قلنا من قبل بأن السلطان قابوس بن سعيد توصل إلى معادلة عادلة في رباعية تحمل فى تعاونها أسباب ما نطلق عليه المعجزة العمانية.
إنها تنطلق من توجيهات السلطان نفسه فى كل شؤؤن وهموم الدولة حتى لو كانت طرقا لم يتم رصفها، أو خسائر تحققها شركة كبرى، أو القضاء على العنوسة لدى المرأة العمانية التى لم تتزوج، أو اصغر شؤون ولاية فى أقصى البلاد النائية، فهو ليس حاكما للعاصمة فقط مثل معظم حكام العالم الثالث، ولكنه يجوب بنفسه ويقود سيارته وينطلق
فى كل شبر من ارض عمان الواسعة. الضلع الثانى فى المعادلة هو شعب معطاء يمنح السلطان صلاحيات واسعة دون أن يحتاج لفوضى صناديق الاقتراع، وهياج الأحزاب، وبرامج الجماعات التى تسعى للوثوب إلى الحكم، والمزايدات الرخيصة فى تحطيم الإنجازات من أجل مقعد فى البرلمان، أو كرسى وزارة، أو اعتراف بأهمية الحزب السياسى.
ويعلم السلطان أن دستورية حكمه تنبع من الشعب، وان الديمقراطية قدرنا فى نظام العولمة الجديد، لهذا ينتقل مجلس الشورى برفق من التعيين إلى الانتخاب، والسلطان الذى تسلم بلدا ليس فيه غير مدرسة واحدة كان يعلم أن النهضة والتعليم والكرامة وحقوق المواطن قبل البدء فى خطوات الديمقراطية وتعدد الرأي والمعارضة والوطنية ولكن كثيرين لم يفهموا فكر السلطان قابوس إلا بعد أن فاجأتهم النهضة والمعجزة العمانية.
ثلاثون عاما تستحق أن يكتبها التاريخ الحديث بحروف من ذهب، فعمان تخرج من العصور المظلمة وهامش التاريخ إلى أن تصبح واحدة من النمور الخليجية، ومن يستقرىء الغيب من واقع الحاضر يعرف أن سلطنة عمان ستعيش أزهى عصورها بعد اكتمال البناء والبنية الأساسية ومقومات النهضة، ليتعلم الآخرون منها نوعا جديدا من الديمقراطية والانتخابات واختيار الأعضاء فى مجلس الشورى.
الضلع الثالث هو مجلس شورى يحاسب الوزراء والمسؤولين حسابا عسيرا، وأعضاء هذا المجلس من أكثر كفاءات الدولة قدرة على متابعة كافة التخصصات لكن طموحات السلطان قابوس أكبر من هذا، فانتخابات أعضاء مجلس الشورى ستضع شعبنا العمانى أمام عالم جديد، لكن الأرضية صلبة وثابتة. والضلع الرابع يتمثل فى حكومة متجانسة وذات كفاءة عالية هي مسؤولة أمام السلطان وفى مواجهة الحساب العسير لمجلس الشورى الجديد والمنتخب وفى ثقة الشعب العمانى.إن فلسفة السلطان قابوس قائمة على الأمن والسلام والرخاء، ولكن أيضا على إحصاءات واقعية لا يستطيع أى مسؤول أن يضيف إليها إنجازا صغيرا لم يتحقق فالسلطان يتابع عن كثب كل توجيهاته ولا يترك هذه الأمانة لمستشاريه أو أهل الثقة. من يتابع أخبار عمان لا يكلف نفسه عناء البحث فيما وراء السطور فالإنجازات كلها واضحة للعيان، فتقرأ عن تبادل وثائق اتفاقية الحدود مع دولة الإمارات، وعن رفع الطاقة الاستيعابية للكليات الفنية وفقا لحاجة الدولة وإعداد برامج تدريبية لعشرات المهن بهدف الإسراع فى توفير الكادر الوطني ومعارض للتثقيف الصحي، وصلاحيات واسعة للجنة تطبيق سياسات التعمين فسلطنة عمان لن تصبح فى يوم من الأيام مستعمرة آسيوية كما هو الحال فى بعض عواصم دول خليجنا العربى، وتعاون تام بين
مسؤولى السياحة وإدارة الجوازات والإقامة، وشركات السفر والسياحة والفنادق، فالسياحة مستقبل آمن واستثمار رائع فى بلد يستعد لان يكون قبلة السياحة فى المنطقة كلها، والاهتمام بالفكر والثقافة وعالم النشر والإنترنيت، والأهم اعتبار كل ولاية فى عمان عاصمة ولافضل لمكان على آخر فى النهضة الحديثة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق